حوارات | قيادة‎ مُلهمة وعطاء مُثمر: حوار مع السيدة حليمة الحجازي" (يجمع بين القيادة والعمل الخيري)

 قيادة‎ مُلهمة وعطاء مُثمر: حوار مع السيدة حليمة الحجازي" (يجمع بين القيادة والعمل الخيري)

 خاص نون النسوة - حوار إيناس فرحات |تصوير حفصة الشيخي



نستضيف في لقائنا المُلهم هذا السيدة حليمة الحجازي، القامة الأكاديمية بجامعة عمر المختار والمرأة الليبية الرائدة التي تركت بصمة واضحة في ميداني العمل الخيري والاجتماعي. سنتعمق معها في تجربتها الثرية في قيادة المؤسسات الخيرية، التحديات التي اعترضت طريقها، والاستراتيجيات الذكية التي مكنتها من تحقيق أهدافها النبيلة. نرحب ترحيبًا حارًا بضيفتنا الكريمة، متطلعين للاستنارة بخبراتها وآرائها القيّمة."

‎"سيدتي، هل يمكن أن تحدثينا عن مسيرتك المهنية وكيف بدأتِ رحلتكِ كمسؤولة عن مكتب أعضاء هيئة التدريس بجامعة عمر المختار؟"

‎"بسم الله الرحمن الرحيم، بدايةً أُرحب بكن وأُثني على هذه المبادرة الطيبة. انطلقت مسيرتي في مكتب أعضاء هيئة التدريس عام 2008 بتكليف من الدكتور عبد ربه أبو بريق، عميد الكلية آنذاك، الذي كان يشغل أيضًا منصب مدير المكتب. لقد بدأتُ العمل بتكليفه، ولكنني سعيتُ دائمًا لإضافة لمستي الخاصة وتطوير المكتب باستمرار. والحمد لله، بفضل خبرتي المتراكمة منذ عام 2008 وحتى الآن، أستطيع خدمة أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب والعمداء الذين تعاقبوا، وأنا ممتنة لهذه الفرصة."

‎"ما الأثر الذي تتوقعينه لدور المرأة القيادي على تطور المؤسسات التعليمية؟"

‎"المرأة هي نصف المجتمع، ولكن المرأة القيادية هي من تُثبت جدارتها وتأثيرها. المرأة التي تفتقر للخبرة قد لا تتمكن من تحقيق النجاح أو إفادة المجتمع. القيادة النسائية الحقيقية تتجلى في القدرة على إنتاج الأفكار المبتكرة ومواكبة التطورات المتسارعة في المجتمع. أؤمن بالمرأة القوية في عملها، والتي تستفيد من خبرات الآخرين مع الحفاظ على شخصيتها المستقلة."

‎"هل يمكنكِ إلقاء الضوء على أبرز المشاريع أو المبادرات التي قمتِ بها في الجمعيات الخيرية التي توليتِ مسؤوليتها؟"

النساء في العمل الإنساني: دور مضاعف

‎"العمل الخيري ليس حكرًا على جمعيات مُسجلة، بل هو سعي نبيل يقوم به أفراد أو مؤسسات. قد يتولى شخص واحد مسؤولية إعالة أسرة كاملة أو أيتام. في الجمعيات التي نعمل بها، عندما نتلقى بلاغًا عن أسرة محتاجة، نقوم بدراسة شاملة لوضعها واحتياجاتها ونسعى لتوفير الرعاية اللازمة. أحيانًا نواجه صعوبات في الحصول على التبرعات رغم الإعلانات، ولكن في أحيان أخرى يأتي الدعم من مصادر غير متوقعة. أما بالنسبة لجمعيتي في كلية الآداب، فهي تعتمد على مساهمات عضوات هيئة التدريس لمساعدة الحالات المحتاجة بينهن، وهن الأكثر سخاءً في هذا الجانب."

‎"كيف تُساهم الجمعيات الخيرية التي تعملين بها في تحسين حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام؟ وما الدور الذي تلعبه المرأة في العمل الخيري، وكيف يمكن تعزيز هذا الدور في المجتمع؟"

ليست وظيفة… بل نداء داخلي

‎"العمل الخيري ليس مقتصرًا على جنس معين، ولكن العاطفة المتأصلة في المرأة تجعلها أكثر إقبالًا عليه، وغالبية التبرعات تأتي من العنصر النسائي. ومع ذلك، العمل الخيري هو واجب كل قادر يحمل في قلبه إيمانًا."

‎"كيف ترين تأثير التعليم العالي على تمكين المرأة في المجتمع الليبي؟"

‎"للتعليم، سواء كان عاليًا أو متوسطًا، تأثير بالغ الأهمية. حتى الطالبة الجامعية لها تأثير في محيطها. هناك فرق واضح بين تفكير واستيعاب المرأة المتعلمة وغير المتعلمة. التعليم بشكل عام يُحدث فرقًا إيجابيًا في المجتمع وفي حياة المرأة على وجه الخصوص، فهو يُعزز فهمها وأخلاقها وينعكس إيجابًا على جميع جوانب حياتها. التعليم العالي يُعمق هذا التأثير لدى الأكاديميات، ولكن التعليم بمفهومه الشامل له أثر في جميع المراحل."

‎"ما النصائح التي تقدمينها للنساء الطموحات لتولي مناصب قيادية في مجالاتهن؟"

‎"أنا أدعم بشدة تولي المرأة للمناصب القيادية، فالمنصب ليس حكرًا على الرجل. إذا كانت المرأة تمتلك القدرات والإمكانيات، فعليها أن تسعى وتجتهد لتحقيق ذلك. مفاتيح النجاح تكمن في أخلاقها، تربيتها، تعليمها، وأسلوب حوارها. القدرة على توصيل المعلومات بوضوح ولباقة تمكنها من النجاح في أي عمل. المنصب هو بمثابة مشروع يتطلب خطوات وأهدافًا واضحة للوصول إليه. حتى أنا في عملي، أحرص على الدقة في حواري وكلامي لتحقيق أهدافي. يجب على الشخصية القيادية أن تمتلك لغة حوار فعالة للتواصل مع جميع فئات المجتمع."

‎"كيف يمكن للمؤسسات التعليمية أن تتعاون مع الجمعيات الخيرية لتحقيق أهداف مشتركة تخدم المجتمع؟"

العلم والعطاء: تعاون يزرع التغيير في المجتمع

‎"للمؤسسات التعليمية دور محوري وعظيم في دعم الجمعيات الخيرية، بل إن العديد من الجمعيات الخيرية تنبثق من داخل هذه المؤسسات. فجامعة عمر المختار على سبيل المثال تضم العديد من الجمعيات الخيرية بالإضافة إلى جمعيتي في كلية الآداب. هناك مبادرات مماثلة في كليات أخرى وحتى في مدارس البيضاء. المؤسسات التعليمية بشكل عام تعتبر حاضنة للعمل الخيري."

‎"ما أبرز التحديات التي واجهتكِ عند بدء عملك في الجمعيات الخيرية؟ وهل واجهتِ صعوبات في الحصول على التمويل اللازم لمشاريعك الخيرية؟ وكيف تعاملتِ مع هذه التحديات؟"

‎"أول التحديات التي واجهتني هي بناء الثقة مع الأشخاص الذين نتعامل معهم للحصول على الدعم. في الجمعية التي أقودها، أحرص على الشفافية الكاملة مع الأعضاء والمتبرعين بشأن أوجه إنفاق التبرعات، مع الحفاظ على سرية هوية المتبرعين والمستفيدين. نتعامل في الغالب مع الحالات المحتاجة من خلال توفير المواد الغذائية والأدوية مباشرة، وفي الحالات التي تتطلب عمليات جراحية أو علاجًا متخصصًا، نتواصل مع الأطباء والعيادات لتوفير المساعدة اللازمة. يتم توفير الأدوية بناءً على الوصفات الطبية لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها."

‎"كيف كان تأثير نقص الموارد البشرية أو الخبرات في تنفيذ البرامج الخيرية التي كنتِ مسؤولة عنها؟ وهل هناك تحديات تتعلق بالتعاون مع جهات حكومية أو خاصة أثناء تنفيذ المشاريع الخيرية؟"

عنوان فرعي: في عيون المحتاجين، وجدت رسالتها

‎"جمعيتي هي مبادرة خاصة ولا تتلقى أي دعم من الجهات الحكومية. كل التعاون والدعم يأتي من أفراد مؤمنين بالعمل الخيري."

‎"كيف أثرت الفجوة الثقافية أو الاجتماعية في المجتمع على نجاح المشاريع الخيرية التي قمتِ بها؟ وما هو التحدي الأكبر الذي واجهته في بناء الثقة مع المستفيدين من خدمات الجمعيات الخيرية؟"

‎"المستوى التعليمي له تأثير، ولكنه ليس عائقًا أمام العمل الخيري. لدى متطوعون غير متعلمين يقومون بأعمالهم على أكمل وجه. ليس من الضروري أن يكون الشخص مثقفًا للمساهمة في العمل الخيري."

‎"هل واجهتِ تحديات قانونية أو تنظيمية أثرت على عملك في الجمعيات الخيرية؟ وكيف تعاملتِ معها؟ وهل أثر عدم الوعي العام بأهمية العمل الخيري على جهودك ومشاريعك؟"

‎"لم أواجه أي تحديات قانونية أو تنظيمية، فكل شخص يقوم بدوره بدافع العمل الخيري."

‎"ما هي استراتيجياتك لتجاوز التحديات التي قد تواجهنا في المستقبل في العمل الخيري؟ وكيف تنظرين إلى تأثير هذه التحديات على تطور العمل الخيري في المجتمع بشكل عام؟"

‎"الحمد لله، لم أواجه أي تحديات كبيرة في مسيرتي الطويلة في العمل الخيري، التي بدأت منذ تخرجي من الجامعة. ربما كانت هناك فترات انقطاع بسبب مسؤوليات الأسرة، ولكنني الآن متفرغة لهذا العمل النبيل، ولم تعترض طريقي أي صعوبات تُذكر."

 

‎"في الختام، نتوجه بخالص الشكر والتقدير للسيدة حليمة الحجازي على هذا اللقاء المثمر ومشاركتنا رؤاها القيمة حول دور المرأة في القيادة والعمل الخيري. نأمل أن تكون هذه المقابلة قد ألقت الضوء على أهمية العمل التطوعي وتأثيره الإيجابي العميق على المجتمع. بارك الله في جهودك دكتورة حليمة وجزاكِ عنا كل خير. شكرًا لكِ


تعليقات

المشاركات الشائعة